اللهم انصر إخواننا في فلسطين ❤️🇵🇸🇵🇸

مقالات تربوية

مفهوم المقدس . . وتقديس الحاكم

بقلم الأستاذ الدكتور حسن عبدالعال

كلية التربية جامعة طنطا.

رصد علماء الاجتماع اختلاف مفهوم القدسية من مجتمع إلى آخر ، ومن ديانة إلى أخرى ومن فكر لآخر، تبعا لمنظومة القيم والأعراف الاجتماعية ، وما يساق من حجج وتبريرات لإضفاء القدسية على الشىء ، كما لاحظ العلماء فى علم الاجتماع الثقافى أن حجج التقديس و تبريراته فى مجتمع ما ، قد تعتبر فى منظور مجتمع آخر ( سخافات) ، فينال منها ويوصم أصحابها بالتخلف والجهل .

ينسحب هذا الأمر على العبادات والأعراف والتقاليد الاجتماعية والأشخاص ، وأنا هنا أفرد حديثا عن تقديس الأشخاص وأعنى بهم ( الملك ، الرئيس ، السياسى ، رجل الدين ) وعلى وجه الخصوص الملك والرئيس والحاكم والمسؤول السياسى.

فى مجتمعات الشرق عموما يثير إضفاء القداسة على الأشخاص وعدم انتقادهم سخرية المجتمعات الغربية المتقدمة . ففي هذه المجتمعات المتقدمة يمكن لأى شخص أن ينتقد اى مسؤول فى الدولة أو الحزب أو رجال الدين ، دون أن يتعرض للقمع أو المساءلة ، بل على العكس فإن القانون يضمن حقوقه فى الانتقاد ، بشرط أن لا يكون تجريحا او إساءة أو اتهاما دون دليل مادى ، وإلا فإنه يعرض نفسه للمساءلة القانونية . ونحن نرى فى أيامنا هذه كم الانتقادات التى توجه إلى رؤساء الدول الكبرى والملوك فى أمريكا وأوروبا . والأمر مختلف فى مجتمعاتنا ، مجتمعات الشرق التى يحمل موروثها الثقافى والسياسى امر تقديس السلطة ، وقد عبد المصريون قديما الفرعون ، ويحفل تاريخ العرب والمسلمين بأخبار عقاب من مس السلطان أو تناول الذات الملكية بالنقد . على الرغم من أن الاسلام لم يعط القداسة والعصمة إلا للأنبياء بعد الله سبحانه وتعالى ، ولعلنا فى هذا المقام نذكر الخطبة الأولى للخليفة الراشد سيدنا أبى بكر الصديق : ” أطيعونى ما أطعت الله ورسوله ، فإن عصيت فلا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق ” ونذكر طلب أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب من المؤمنين أن يقوموه بحد سيوفهم ان انحرف عن شرعة الله . لكن ماكتب بعد ذلك للخلفاء والأمراء فى الدولة الأموية والعباسية فى كتب الأحكام السلطانية أعطى الحاكم قداسة واسبغ عليه من صفات الألوهية الكثير ، وجاءت الممارسة فى الواقع تجسيدا لقدسية الخلفاء والحكام . وحتى فى العصور الحديثة رأينا كيف توحدت شخصية الملك او الحاكم مع الدولة ، فأصبح فى عالمنا العربى نقد الحاكم إهانة للدولة ( انظر كيف عوقب من انتقد الأمير القطرى وعارض سياسته ) .

لكن الأمر فى الدول الديموقراطية على خلاف ذلك تماما ، فلا قداسة لملك أو لحاكم أو مسؤوول ، ونعلم كم أدت انتقاداتهم إلى الإطاحة بهم حين انكشف انتهاكم للدستور والقانون او استغلال سلطاتهم لتحقيق مصالح ذاتية . وما عزل الرئيس الأمريكى نيكسون فى حادثة ( ووترجيت ) ومحاكمة كلنتون على كذبه منا ببعيد . ومن طريف ماقرأته فى هذا الصدد ما وفع لملك السويد فى تسعينات القرن المنصرم ، ومما اورده الباخث السياسى العراقى ” صاحب الربيعى ” فى بحثه عن ( اختلاف منظومات الوعى بين الغرب والشرق ) فى مجلة الديموقراطية ، فقد اعتاد ملك السويد فى عيد ميلاده أن يتلقى التهانى من مواطنيه مباشرة أمام قصره ، وفى مناسبة الاحتفال بعيد ميلاده تقدم أحد الشباب المراهقين لتهنئة الملك حاملا قالبا من الحلوى كتب عليه تهنئة للملك ، وباشر فى مصافحة الملك ، وبدلا من أن يقدمه كهدية ألصقه فى وجه الملك أمام دهشة المهنئين ورجال الصحافة والإعلام وعدسات كاميرات التلفزيون التى كانت تنقل مراسيم المناسبة مباشرة ، وتقدم أحد حراس الملك بكل هدوء وسحب الشاب المراهق وسلمه للشرطة .

وعبر الملك عن استيائه أمام كاميرات التلفاز ( ووجهه ملطخ بالحلوى ) ، ووصف المراهق بالغبى ، وبرر المراهق فعلته أمام الشرطة وعدسات التلفاز على انه نوع من الاحتجاج والرفض للملكية ، وطالب الملك بالاعتذار عن وصفه بالغبى وإلا سيعمل على مقاضاته امام المحاكم السويدية .

ووقفت الصحافة إلى جانب المراهق ، ووجدت أنه من غير اللائق بالملك أن يتفوه بكلمة مهينة بحق مواطن أمام الصحافة والإعلام ، واضطر الملك للاعتذار على شاشات التلفاز ، وانتقد نفسه على استخدامه لكلمة مهينة بحق مواطن سويدي ، وأطلق سراح المراهق دون أن ينال عقوبة . ( بالطبع قد أخطأ المراهق فى التعبير عن احتجاجه ورفضه للملكية ) . لكننى تساءلت بعد ورود هذه الواقعة : ماذا لو تجرأ أى مواطن – فى دولة من دول الخليج مثلا والحال كذلك فى أية دولة شرقية كتركيا او ايران او غيرهما – ماذا لو تجرا على القيام بفعلة المراهق السويدى ، كان بالتأكيد سينال عقوبة الإعدام لأن الملك شخص يحظى بالقدسية . والسؤال الذى يطرح فى موضوع القداسة والمقدس هو :متى تعرف مجتمعاتنا فى ممارساتها تجريد الأشخاص من قدسيتها

 

لصفحتنا على الفيس بوك اضغط هنا

انضم لجروبنا الرسمي وتابع الأخبار اضغط هنا

روابط نرشحها لكم

لنتائج جميع المحافظات اضغط هنا

نماذج الإجابة الرسمية 2018 اضغط هنا

لـ 9 نماذج التجريبية للثانوية اضغط هنا

لأخبار امتحانات الثانوية اضغط هنا

لجدول الثانوية العامة اضغط هنا

لجدول الثانوية الأزهرية اضغط هنا

للإطلاع على أخبار محافظتك اختر المحافظة من الجدول

 

القاهرة

الإسكندرية

الشرقية

الجيزة

الغربية

المنوفية

القليوبية

البحيرة

كفر الشيخ

البحر الأحمر

الوادي الجديد

السويس

أسوان

أسيوط

قنا

سوهاج

الفيوم

المنيا

شمال سيناء

جنوب سيناء

بني سويف

بورسعيد

الدقهلية

مطروح

الأقصر

دمياط

الإسماعيلية

إظهار المزيد

عبدالله العزازي

مدير التحرير .. باحث بالدراسات العليا قسم التربية الخاصة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

تم إكتشاف مانع الإعلانات في متصفحك

برجاء تعطيل مانع الإعلانات لتصفح الموقع بشكل أفضل وكذلك دعم الموقع في الإستمرار، بعد التعطيل قم بعمل إعادة تحميل (Refresh) للصفحة