اللهم انصر إخواننا في فلسطين ❤️🇵🇸🇵🇸

مقالات تربوية

أسس بناء المنهج

1-4

عبدالله العزازي

أولاً: الأسس الفلسفية للمنهج

الفلسفة التربوية تنبثق عن فلسفة المجتمع ,وتعمل المدرسة على خدمة المجتمع عن طريق صياغة مناهجها وطرق تدريسها في ضوء فلسفة التربية وفلسفة المجتمع معاً.

تهدف فلسفة المجتمع إلى تحقيق فهم أفضل لفكرة الحياة وتكوين المثل الشاملة حولها, وحتى يستطيع المجتمع المحافظة على فلسفتها ونشرها فلا بد له من الاعتماد على فلسفة تربوية خاصة به تكون بمثابة الوسيلة لتحقيق الأفكار والمثل والقيم والمعتقدات التي يؤمن بها ويحرص على تطبيقها في الحياة.ومن هنا نستطيع معرفة العلاقة الوثيقة بين التربية والفلسفة فكل فيلسوف لا بد له من تربية حتى تنشر أفكاره ومعتقداته فلقد قيل بأن الفلسفة والتربية وجهين لعملة واحدة,وأن رجال التربية هم فلاسفة مثل أفلاطون وابن الرشد والغزالي والفارابي وأرسطو وغيرهم.

الفلسفات التربوية:

لقد ظهرت في ميدان التربية عدة مدارس فلسفية كان أساسها الخبرة التعليمية الناتجة عن التفاعل بين التلميذ والبيئة التي يستطيع أن يستجيب إليها ولكل مدرسة فلسفية رأيها في بناء المنهج الدراسي وسنتطرق إلى الفلسفة الأساسية أو التقليدية,والفلسفة التقدمية.

   الفلسفة الأساسية أو التقليدية أو الجوهرية:

أي مجتمع يملك في مراحل تطوره تراثاً من المعرفة والمهارات والاتجاهات والقيم نتيجة لتراكم المعرفة عبر القرون وترى هذه الفلسفة أن التربية هي عملية حفظ ونقل التراث الاجتماعي ,وـأن الوظيفة الأساسية للمدرسة باعتبارها وكيلة عن المجتمع في تربية الأبناء هي نقل التراث الثقافي إليهم من الآباء ووضعه في قالب تربوي مبسط. وتؤكد هذه الفلسفة على أهمية حصول الأطفال على أساسيات المعرفة لاعتقادها أن حصولهم عليها أكثر أهمية لهم من إرضاء دوافعهم أو إخصاب خبراتهم.

   الفلسفة التقدمية:

تتضمن هذه الفلسفة مدارس تربوية متعددة, بعضها يرى أن كل شؤون التربية تدور حول الطفل, وأن واجب المدرسة هو إطلاق وتنمية مواهبه وقدراته,وبعضها يرى أن وظيفة التربية تدور حول مشكلات المجتمع,وتحسين مستوى المعيشة فيه وبعضها يوازن بين حاجات الفرد وحاجات المجتمع.

التوفيق بين الفلسفتين الأساسية, التقدمية:

لقد قال بعض المربين أمثال ديوي بإمكانية التوفيق بينهما, أي بين إشباع حاجات وميول الأطفال والشباب, وخدمة حاجات البيئة والمجتمع بوجه عام وبين استمرار الاهتمام والعناية بالتراث البشري.

ثانياً: الأسس الاجتماعية للمنهج

هي القوى الاجتماعية المؤثرة في وضع المنهج وتنفيذه وتتمثل في التراث الثقافي للمجتمع والقيم والمبادئ التي تسوده والحاجات والمشكلات التي يهدف إلى حلها والأهداف التي يحرص على تحقيقها. وهذه القوى تشكل ملامح الفلسفة الاجتماعية أو النظام الاجتماعي لأي مجتمع من المجتمعات وفي ضوئها تحدد فلسفة التربية التي بدورها تحدد محتوى المنهج وتنظيمه وإستراتيجيات التدريس والوسائل والأنشطة التي تعمل كلها في إطار متسق لبلوغ الأهداف الاجتماعية المرغوب في تحقيقها

وهذه القوى تشكل ملامح الفلسفة الاجتماعية أو النظام الاجتماعي لأي مجتمع من المجتمعات, وفي ضوئها تحدد فلسفة التربية التي بدورها تحدد محتوى المنهج وتنظيمه واستراتيجيات التدريس والوسائل والأنشطة التي تعمل كلها في إطار متسق لبلوغ الأهداف الاجتماعية المرغوب في تحقيقها.

فدور المنهج هو أن يعكس مقومات الفلسفة الاجتماعية يحولها إلى سلوك يمارسه التلاميذ بما يتفق مع متطلبات الحياة في المجتمع بجوانبها المختلفة, ولما كانت المدرسة بطبيعة نشأتها مؤسسة اجتماعية أقامها المجتمع من أجل استمراره وإعداد الأفراد للقيام بمسؤولياتهم فيه, فمن الطبيعي تتأثر بالمجتمع والظروف المحيطة به. ومعنى ذلك أن القوى الاجتماعية التي يعكسها منهج ما في مدرسة ما إنما هي تعبير عن المجتمع في مرحلة ما, ولذلك تختلف المناهج من حيث الشكل والمنطق من مجتمع لآخر تبعاً لتباين تلك القوى.

  1. المنهج والوظيفة الاجتماعية للمدرس.

كانت تربية الأبناء قبل إنشاء المدارس بيد الآباء ورجال الدين وكان الأطفال يتعلمون عن طريق تقليد الكبار ونتيجة لتضخم التراث البشري وصعوبة تقليد الصغار للكبار نشأت الحاجة للمدارس.

فالمدرسة مؤسسة اجتماعية تعمل على تحقيق أهداف المجتمع والمحافظة عليها من خلال مسئوليتها بتربية التلاميذ وإعدادهم بالمعلومات والاتجاهات والقيم اللازمة لهم في الحياة.

فالمدرسة لا تعمل في فراغ وإنما لها علاقة بكل مؤسسات المجتمع من الأسرة, المؤسسات الدينية, وسائل الإعلام, مؤسسات أخرى مثل السينما والمسرح والأندية والجمعيات والمعارض والمكتبات والمتاحف.

  1. علاقة المنهج بواقع المجتمع:

إن الوظيفة الأولى للمدرسة هي إعداد الناشئة للمحافظة على القيم والمبادئ الأساسية السائدة في المجتمع فمن واجب القائمين على تخطيط المنهج تحليل هذه القيم والمبادئ للتمكن من وضع منهاج تربوي يساير الأوضاع الاجتماعية ويلبي احتياجاتها. وانطلاقاً من أهمية التعليم كقوة فاعلة في تحقيق الأهداف التي يسعى إليها كل مجتمع فقد أصبح وظيفة عامة تشرف عليها الدولة, وهذا ما دفع معظم الدول الحديثة إلى جعل التعليم مجانياً وإلزامياً لفترة من الوقت

  1. المنهج والواقع الثقافي للمجتمع:

من أول واجبات المدرسة تزويد التلاميذ بالقدر المناسب من ثقافة مجتمعهم الذي يعيشون فيه, ولا بد لمعرفة العلاقة بين المنهج المدرسي وثقافة المجتمع من توضيح مفهوم الثقافة وما أصابه من تطور.

فالثقافة – أو التراث الثقافي– هي طريقة الحياة الكلية للمجتمع بجوانبها الفكرية والمادية وتشمل الثقافة اللغة وأسلوب تناول الطعام وارتداء الملابس والعادات والتقاليد والمعارف العلمية والنظم العائلية والاقتصادية والسياسية, ومما يعتنقه الناس من قيم دينية وخلقية وآراء سياسية وغيرها من أساليب الحياة.

وقد نتج عن هذا التطور في مفهوم الثقافة تغير في مفهوم المنهج فبعد أن كانت المناهج تتناول الجانب الفكري المعرفي من حياة المجتمع أصبحت تتناول أوجه الحياة التي تؤثر في الفرد والمجتمع.

ثالثاً: الأسس النفسية للمنهج

هي المبادئ النفسية التي توصل إليها دراسات وبحوث علم النفس حول طبيعة المتعلم وخصائص نموه وحاجاته وميوله وقدراته واستعداداته وحول طبيعة التعلم التي يجب مراعاتها عند وضع المنهج وتنفيذه.

أولاً – علاقة المنهج بطبيعة المتعلم:

معرفة طبيعة الإنسان المتعلم أمر أساسي في وضع المنهج وتنفيذه لأن المتعلم هو محور العملية التعليمية ,وإن تقديم أي خبرات تعليمية له دون معرفة مسبقة بخصائصه وحاجاته وميوله ومشكلاته تؤدي إلى الفشل في بلوغ الأهداف التي يرمي إليها المنهج.

المنهج ونمو المتعلمين:

يعرف النمو بأنه مجموع التغيرات التي تحدث في جوانب شخصية الإنسان الجسمية والعقلية والاجتماعية والانفعالية والتي تظهر من خلالها إمكانيات الإنسان واستعداداته الكامنة على شكل قدرات أو مهارات أو خصائص. ودور التربية تقديم المساعدة لكل فرد لينمو وفق قدراته واستعداداته نمواً موجهاً نحو ما يرجوه المجتمع وما يهدف إليه

ثانياً: علاقة المنهج بطبيعة التعلم

الهدف من العملية التربوية ووسائلها المختلفة هو تعديل السلوك الإنساني في ضوء أهداف معينة ويستلزم هذا التعديل تعلماً ويعرف بأنه النشاط العقلي الذي يمارس فيه الفرد نوعاً معيناً من الخبرة الجديدة التي لم يسبق أن مر بها. كما يعرف بأنه تغيير أو تعديل في سلوك الكائن الحي الناتج عن قيامه بإشباع حاجة من الحاجات.

ومن نتائج عملية التعلم ما يحصله الفرد من معلومات أو مهارة أو طريقة تفكير أو اتجاه أو قيمة اجتماعية ونستدل على حدوث التعلم من خلال ما نلاحظه من تغير في سلوك الفرد نتيجة لخضوعه لموقف تعليمي معين, فالتعلم لا يمكن ملاحظته مباشرة وإنما نستدل عليه من خلال ما يظهر على السلوك من تغير أما التعلم فهو العملية التي من خلالها نساعد الفرد على اكتساب الخبرات الصالحة

رابعاً: الأسس المعرفية للمنهج

الذكاء من المميزات الأساسية للإنسان والمعرفة هي نتاج هذا الذكاء ولما كانت المعرفة أساسية في النمو الإنساني حيث لا ينمو بدونها فقد اعتبرت أحد أهداف التربية الرئيسية كما اعتبرت أساساً هاماً من الأسس التي يجب أن يراعيها المنهج الدراسي.

المنهج وطبيعة المعرفة:

تتوقف طريقة التعلم والتعليم ومحتواها إلى درجة كبيرة على ما يفهمه الفرد من ماهية المعرفة ومن التعريفات التي ذكرت للمعرفة: أنها مجموعة المعاني والمعتقدات والأحكام والمفاهيم والتصورات الفكرية التي تتكون لدى الإنسان نتيجة لمحاولاته المتكررة لفهم الظواهر والأشياء المحيطة به

المنهج ومصادر المعرفة:

1.الحواس: هي مرشد أساسي نحو الحقيقة والمعرفة التي تتم عن طريق الحواس هي معرفة أصيلة لأن منافذ المعرفة على العالم الخارجي هي حواس الإنسان.فمن واجب المنهج وواضعه الاهتمام بحواس التلاميذ واستخدامها نظراً لوجود علاقة طردية بين استخدامها في الحصول على المعرفة وزيادة المعرفة

  1. العقل: وهو مصدر ثان من مصادر المعرفة ويقصد به عملية التفكير التي يقوم بها الإنسان وترتبط عملية التفكير ارتباطاً بالإدراك الحسي لأن محتوى إدراك الإنسان يتوقف على العمليات العقلية مثل التوقعات والذاكرة.

  2. الحدس: ليس نوعاً من الإدراك الحسي فالمعرفة التي تتم عن طريق الحدس هي معرفة ذاتية مباشرة ولا تأتي نتيجة تفكير منتظم فالحدس شكل من أشكال التعلم الذاتي لأن التعلم يحدث مباشرة من الداخل دون وسيط.

4.التقاليد: وهي ما خلفه السلف من الآباء والأجداد من تراث ثقافي كاللغة والدين والأخلاق وهذه المعرفة التي خلفها لنا الآباء والأجداد يتم استقبالها عن طريق العقل والحواس معا ًفالتقاليد بشكل خاص هي مصدر معرفة السلوك والأخلاق.

5.الوجود ويقصد بالوجود الخبرة الذاتية والعمل التي تتحقق بواسطتهما المعرفة عند الإنسان ومن واجب المنهج أن يهتم بالخبرات الذاتية للتلاميذ وبتوفير فرص التعلم بشكل مناسب وواسع لهم.

6.الوحي والإلهام: وتتم عن طريق وحي الله سبحانه وتعالى إلى أشخاص مختارين هم الأنبياء والرسل فالإلهام يعد هبة خاصة من الله لمن يشاء من عباده.

إظهار المزيد

عبدالله العزازي

مدير التحرير .. باحث بالدراسات العليا قسم التربية الخاصة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

تم إكتشاف مانع الإعلانات في متصفحك

برجاء تعطيل مانع الإعلانات لتصفح الموقع بشكل أفضل وكذلك دعم الموقع في الإستمرار، بعد التعطيل قم بعمل إعادة تحميل (Refresh) للصفحة