ردود أفعال واسعة أثارتها الفتوى التى أصدرها مجلس الدولة مؤخرا، والذى حظر فيها على المدرس الحصول على رخصة قيادة مهنية، حيث طالب ممثلو “رسل العلم” بزيادة رواتب المعلمين، فيما أكد مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية وعلمائه، على ضرورة التزام هذا المعلم بقرار جهة العمل، لأن هذا ورد فى بنود تعاقده معها.
خلف الزناتي، القائم بأعمال نقيب المعلمين قال: المعلم كان له هيبة فى السابق لتقدير المجتمع له، لكن اليوم كثيرا من المسرحيات والأفلام تهين المعلم، وتصدر صورة خاطئة عنه للمجتمع، هذا بجانب أن تدنى المرتبات اضطرته لدخول منازل الطلاب لإعطاء الدروس الخصوصية.
وأضاف “الزناتى”، فى تصريحات خاصة ، إن عمل المعلم سائقا أو نقاشا ، هى جميعها صور تمثل إهانة له، ونتاج عدم حصوله على حقه.
من جانبه، قال حسين إبراهيم الأمين العام لنقابة المعلمين المستقلة، إن المعلمون يلجأون للعمل بمهن أخرى نظرا لضعف رواتبهم، مضيفا: نحاول البحث عن أى وسيلة للربح وقيادة سيارات الأجرة مهنة شريفة، والقانون لم يجرمها.
وأضاف، إن عدد المعلمين فى مصر يبلغ مليون معلم، منهم 200 ألف فقط يزاولون الدروس الخصوصية و800 ألف يبحثون عن عمل محترم، لكن للأسف يصطدمون بالقانون الذى يمنع ذلك، ويجب أن يعدل التشريع ويتم العمل بروح القانون لاستيفاء احتياجات الأسرة.
وكشف”إبراهيم”، عن أنه يعمل في مهنتين لاستيفاء متطلبات أسرته قائلا: أنا شخصيا بشتغل مدرس الصبح وبليل بشتغل فى مستشفى، لإنى مش بدى دروس، وأعرف معلمين شغالين في صيدليات وعيادات دكاترة، والحكومة مش عايزة تزود المرتبات وعلشان كده بطالب بتعديل التشريعات.
وتابع”إبراهيم”، يجب فى المقام في الأول زيادة مرتبات المعلمين ومضاعفتها، لآن الراتب الأساسى توقف على المحدد فى عام 2014، بحيث يكون 3 آلاف جنيه عند بداية التعيين، وتزيد مع كل ترقية، أما فى المقام الثانى فيأتى تعديل التشريعات التى تمنع المعلم من ممارسة مهنة شريفة.
وقال، إن الدستور حدد فى أحد مواده أنه كان من المفرتض أن تزيد ميزانية التعليم 4% من الناتج القومي بداية من 2015، ولكن هذا لم يحدث، مؤكدا أنه إذا زادت الميزانية تستطيع وزارة التعليم رفع الأجور والاهتمام بمختلف الجوانب الأخرى المتعلقة بالتعليم، متابعا: لو تضاعفت الميزانية لن هيحتاج المعلم سائقًا.
فيما أكد إبراهيم نشأت منسق عام ائتلاف تمرد معلمي مصر، إن مرتبات المعلمين ضعيفة، ولا تتناسب مع الأوضاع الاقتصادية فى الفترة الحالية، وأضاف، كان من الأولى أن تسعى الوزارة لتجريم الدروس الخصوصية ومنعها.
وأكد “نشأت”، إن مهنة قيادة سيارات الأجرة تمثل مصدرا للدخل الشريف للمعلم، وأفضل له من أن يسرق، متسائلا : هل من المفترض أن يسرق أو يقتل المعلم للحصول على متطلباته؟، مضيفا “إحنا زى الأطباء وغيرهم من الفئات التي تطالب بتحسين رواتبها، والمعلمين حالهم المادي سيء، ويجب النظر مرة أخرى فى حالهم”.
وتابع “نشأت”، هناك معلمون يعملون أفراد أمن بشركات خاصة بعد انتهاء عملهم بالمدرسة، وهناك من يمارسون حرف أخرى مثل النجارة والسباكة والكهرباء ولا يحتاجون لتصريح، متابعا” المعملون يسمعون الألفاظ التى تؤذى أذهانهم فى الشوارع دون العمل بمهنة قيادة سيارات الأجرة.
وحول مطالبهم بزيادة أجور المعلمين قال “نشأت”: اتكلمنا كثيرا وبحثنا وبقالنا 12 سنة نطالب بزيادة أجورنا ووعدنا مؤخرا الدكتور طارق شوقي وزير التعليم بزيادة الرواتب فى خطة زمنية مدتها 3 سنوات، متابعا: عارفين إن الحالة الاقتصادية للدولة غير جيدة لكن أحوال المعلمين تتطلب نظرة بالفعل.
أما مركز الفتوى الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، أكد أنه يجب على المعلم أن يلتزم بهذا القرار لأن العقد المبرم بينه وبين جهة العمل ينص على أن يتبع قراراتها، وبالتالى فلا يحق له أن يخالفها ويعمل بعد أن ينتهى من عمله كسائقا.
وأضاف، إن هذا يسرى على العاملين المصريين الذين يسافرون للعمل بالخارج بعقود رسمية، حيث أنهم يمنعون من العمل لجهة أخرى غير الجهة المتعاقدين معها، موضحا أن البعض يرى أن هذا الشرط أحيانا يكون مجحف وغير صحيح لكن يجب أن يلتزم به الموظف لأنه ملتزم بما ورد فى العقد المبرم مع جهة عمله.
وتابع المركز: لو أنا شغال في مصنع وصاحبه قالي لا تشرب شاي أو قهوة في وقت العمل أو الراحة، فهذا شرط مجحف بالنسبة للكثيرين، لكن يجب الالتزام به. فيما قال أحمد الماكى باحث شرعي بمشيخة الأزهر، إن القانون سيف فوق رقبة الجميع، مؤكدا أن العمل على سيارات الأجرة بشكل عام “حلال” ، أما إذا كان الفرد سيعمل سائقا بجانب وظيفته الرئيسية وسيتأثر بهذا فلا يصح له الجمع بينهما، وإن لم يكن يؤثر فلينظر فى الفعل نفسه لأنه أفضل من أن يلجأ الشخص للسرقة أو السير فى الحرام للحصول على المال.
وأضاف “الماكى”، سبب الرفض له شق قانوني فيجب أن يلتزم هذا الموظف، مؤكدا إن الشرع أحل العمل الإضافى بعد انتهاء العمل الرسمى إذا لم يتعارض مع الشرع والقانون والعرف الاجتماعى.
وأشار”الماكى”، إلى أنه لا يجوز الجمع بين وظيفتين حكومتين، مؤكدا أن المال الذي سيجنى من هذا الجمع حرام شرعا، لأنه مال الدولة.
وأكد في الوقت ذاته، أنه يجوز للمعلم وأى موظف بالحكومة أن يعمل فى وظيفة ثانية فى ظل الظروف الاقتصادية السيئة الحالية للدولة لتوفير حياة مستقرة وكريمة لآسرته، وأن ذلك أفضل بكثير من أن يطالب بزيادة راتبه.
من جانبه، قال الشيخ صالح محمد الأزهرى، عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، إن القوانين التى وضعتها الدولة التى تعد شرعا لا تخالف الشريعة، وبالتالى فإن حصول المعلم على رخصة مهنية “مرفوض شرعا”، مؤكدا أنه يجب أن يلتزم المعلم وأى موظف بقوانين الدولة.
وأضاف “الأزهرى”، أنه حال عمل المعلم قائدا لسيارات الأجرة ومحاولة حصوله على رخصة مهنية دون وجه حق، فهو بذلك “آثم شرعا”، لأنه يستحل مالا ليس من حقه، مشددا على أنه لو عمل عملا آخر وأثر فى عمله الأساسى وهو التدريس وخاصة أنه يتعامل مع أطفال فهو بذلك آثم قولا واحدا ليس فيه نقاش، مصداقا لقول الرسول “المؤمنون عند شروطهم”.