العنف الأسري

يعد العنف الأسري من أشهر أنواع العنف انتشاراً في زمننا هذا، وعلى الرغم أننا لم نحصل حتى الآن على دراسة مؤكدة تبين لنا نسبة هذا العنف الأسري في مصر إلا أن آثار تلك الظاهرة بدأت تظهر بشكل ملحوظ على السطح بما ينبئ بأن نسبته آخذة في الارتفاع وتحتاج من كافة أطياف المجتمع المصري إلى اتخاذ إجراءات صارمة بصفة سريعة وجدية لوقف هذا العنف وإصلاح ما يمكن إصلاحه.

ويمكن تعريف العنف لغة على أنه الشدة والقسوة في التصرف، والفعل منه عنف، فيقال: عنف الرجل أخاه؛ أي لم يرفق به وعامله بشدة وقسوة، أو لامه وعايره بشدة من أجل إصلاحه أو ردعه.

ويجب علينا قبل أن نتعمق أكثر في مجال العنف الأسري أولاً أن نعرّف معنى الأسرة ونشرح بعض الأمور المهمة الخاصة الحياة الأسرية والعلاقات الأسرية والأنساق الأسرية والتي بمجرد أن تتحقق كلها أو بعضها نكون يهذا قد وضعنا حجراً أساسياً في بناء سد قوي لمنع ظاهرة العنف الأسري.

أولا : تعريف الأسرة:

* الأسرة تعرف بأنها المؤسسة الاجتماعية التي تنشأ من اقتران رجل وامرأة بعقد يهدف إلى إنشاء اللبنة التي تساهم في بناء المجتمع، وأهم أركانها ( الزوج، والزوجة، والأولاد)

أركان الأسرة:

فأركان الأسرة بناءً على ما تقدم هي:

(1) الزوج : الرجل من يعول الأسرة

(2) الزوجة : المرأة

(3) الأولاد : الاطفال ذكورا وإناثا

وعن أهمية للإنسان فإنها تمثل للإنسان « والمدرسة الأولى ، المأوى الدافئ ، وساحة الهدوء والطمأنينة ، والملجأ الآمن،  ومركز الحب والسكينة

محاور البحث

فيما يلي سوف نعرض لكم محاور البحث:-

المحور الأول : ماهية العنف الأسري

يُعرف العنف اصطلاحاً بأنّه استخدام القوة والشدة بطريقة مفرطة غير قانونية، أو حتى التهديد باستخدامها من أجل إلحاق الضرر والأذى بالآخرين، و يعرف العنف بحسب علماء الاجتماع على أنّه اللجوء إلى الأذى من أجل تفكيك العلاقات ؛ مثل العنف ضد الزوجة، أو الزوج، أو أحد الأبناء، أو حتى كبار السن، سواء كان ذلك عن طريق الإهمال، أو الإيذاء الجسدي ، أو النفسي، أو العنف الأخلاقي.

 وفي تعريف آخر للعنف هو أى سلوك عدواني عنيف يمارسه فرد، أو مجموعة ، أو طبقة اجتماعية بهدف استغلال أو إخضاع الطرف الآخر الأقل قوة سياسياً، أو اقتصادياً، أو اجتماعياً، كما يمكن تعريفه على أنه سلب حرية الأفراد الآخرين سواء كانت حرية التعبير، أو حرية التفكير، أو حرية الرأي، بما قد يؤدي بدوره إلى أضرار مادية، أو معنوية، أو نفسيّة.

ويعرف العنف الأسري اصطلاحا بأنه إلحاق الأذى داخل الأسرة بين أفراد الأسرة الواحدة؛ مثل عنف الزوج ضد زوجته، وعُنف الزوجة ضد زوجها، أو عنف أحد الوالدين أو كليهما تجاه الأولاد، أو عنف الأولاد تجاه ذويهم ، بما يشمل هذا الأذى الاعتداء البدني، أو النفسي، أو الجنسي، أو التهديد، أو الإهمال، أو سلب الحقوق ، وعادةً يكون المُعنِّف هو الطرف الأقوى الذي يُمارس العنف ضد الطرف الأضعف.

 و هناك تعريف آخر للعنف الأسري وهو أي سلوك يُراد به إثارة الرعب والقلق، أو التسبب بالإيذاء سوآء كان جسديا، أو نفسيا، أو جنسيا دون التفريق في ذلك بين الجنس، أو العمر، أو العرق، وبما يؤدي إلى توليد شعور الإهانة في نفس الشريك، أو وقوعه تحت أثر التهديد، أو الضرر العاطفي النفسي ، أو الإكراه ، وكذلك محاولة السيطرة على الطرف الأضعف باستخدام الأولاد ، أو حيواناتهم الأليفة ، أو أحد أفراد الأسرة كوسيلة ضغط للتّحكم بالطرف الآخر، والتي تؤدي عادة إلى فقد ضحايا العنف الأسري ثقتهم بأنفسهم، وينتابهم الشعور بالعجز وقلة الحيلة، والقلق، والاكتئاب الذي يتطلب تدخُل طبّي أحيانا لعلاج تلك الآثار.

المحور الثاني :أنواع العنف الأسري

يُعرف العُنف الجسدي بأنّه التسبّب بالضرر أو إلحاق إصابة جسدية لأحد أفراد الأسرة، والعنف الجسدي يتحقّق بتوافر الشرطين التاليين :

الشرط الأول : أن يفعل الفرد أمرا معينا أو يمتنع عن فعله ينتج عنه أذى بدني

 الشرط الثاني: أن يكون هذا الفعل عن سبق إصرار في إحداث الأذى البدني

 في حين لا يُشترط أن يحدث الشرطان في نفس الوقت ، فأحيانا تفصل بينهما فترة زمنية مثل إهمال الآباء والأمهات لمتابعة أطفالهم، بما يُلحق الضرر الجسدي بهم، كما أنّه لا يُنظر إلى أسباب العنف الجسدي كتبرير لفعل العنف سواء كان هذا بدافع الانتقام، أو التربية، أو السيطرة ، أو الحصول على المال، فطالما أن الشرطين السابقين متوافران تُعتبر بتلك الحالة عنفاً بدنيا.

 جدير بالذكر أنّ العنف الجسدي قد يصل أضراره إلى تعطيل الحواس، أو القتل أحيانا، كما تختلف الأدوات المستخدمة لإحداث الضرر البدني؛ ومنها ما هو بسيط كاللكم أو النهر أو الدفع ، ومنها ما هو شديد كالآلات الحادة مثل السكين أو المطواة أو الأسلحة.

يُعتبر العنف النفسي من أكثر أنواع العنف شيوعا في المجتمع، إلّا أنّه يعد من أصعب الأنواع في القدرة على التمييز أو معرفة مدى أثره؛ ويرجع ذلك إلى عدم وجود آثار مادية ظاهرة ، كما أنّه من الصعب إثباته في حال لجأت الضحيّة لتقديم الشكوى للسُلطات القانونية ، ومن أشكال العنف النفسي، التعرّض لألفاظ نابية مؤذية تُسبّب احتقاراً للنفس ؛ كالسّب، والشتم، والقذف، أو حتى إشعار أحد أفراد الأسرة بأنّه شخص غير مرغوب فيه، أوأحيانا تجاهله والانتقاص من رأيه وعدم الأخذ برأيه في أمورٍ تخصّ أفراد الأسرة.

كما يعد منع أحد أفراد الأسرة من مخالطة الأقارب أو أصدقائه؛ مثل منع الزوجة من زيارة أهلها ، أو منعها من الخروج لممارسة عملها أيضا من صور العنف النفسي، وكذلك التهديد بالضرب، أو الطلاق، أو الحرمان من أطفالها ، كما يعد فقدان مشاعر الحب والعطف بين أفراد الأسرة، وعدم تعاون أفراد نفس الأسرة في إيجاد حلول مناسبة لمشاكلهم من الأسباب والنتائج في نفس الوقت للعنف النفسي كما أنّ عدم اهتمام الوالدين بتربية أطفالهم يُساهم في تنشئتهم تنشئةً غير سوية.

يُعرف العنف الجنسي بأنّه أى فعل أو قول يجرح كرامة الإنسان أو يقتحم خصوصية جسده سواء كان هذا عنفاً جنسيّاً ماديّاً؛ مثل زنا المحارم، أو كان عنفاً جنسيّاً معنويّاً؛ مثل الألفاظ والتعليقات الجنسيّة المشينة، ومن أشكال العنف الجنسي أيضاً إجبار بعض الأطفال على القيام ببعض الممارسات أو حتى استغلالهم بهدف اكتساب المال أو لأغراض أخرى، ويُشار إلى أنّ العنف الجنسي انتهاك واضح للضوابط الشرعية، والأخلاقيّة، والقانونية التي تُنظّم العلاقات بين أفراد الأسرة، كما يصعب حماية الأفراد ومحاسبة مرتكبي العنف الجنسي تجاههم نظرا لتُحفّظ غالبية المجتمع للحديث عن تلك الأمور.

المحور الثالث :أسباب ودوافع العنف الأسري

يقصد بالدوافع الاجتماعية هنا العادات والتقاليد التي يرثها الأبناء عن جيل الآباء والأجداد، ومن هذه المعتقدات الثقافية المورّثة مثلا الاعتقاد بأنّ للرجل الحق في السيطرة على الزوجة شريكة حياته، وإعطاء الزوج قدرٍ عالٍ من الهيبة، والاعتقاد السائد بأنّ مقدار رجولة الزوج يتمثّل في مقدار قدرته على السيطرة على أفراد عائلته بالعنف أو الشدة ، بينما تقل تلك الدوافع كلّما زاد معدل الثقافة والوعي في المجتمع، إلّا أنّ بعض الأفراد لا يؤمنون بهذه المعتقدات لكنّ الضغط الاجتماعي من حولهم قد يدفعهم إلى تعنيف أفراد عائلاتهم، كما توجد دوافع أخرى للعنف تنتج عن التغيرات الاجتماعية الرئيسية التي تمرّ بها الأسرة؛ مثل الحمل أو إصابة أحد أفراد الأسرة بأحد الأمراض، بما يستدعي أحد الأفراد الذين تم اهمالهم بسبب هذه التغيرات إلى ارتكاب العنف بهدف التحكّم بالموقف وإظهار النفس.

 وتختلف صور الدوافع الاجتماعية التي تؤدي إلى العنف باختلاف مستوى التدين، أو مستوى ارتباط الأسرة بالمحيط الخارجي، وباختلاف شكل الأعمال، والتقاليد، والعادات حيث تختلف درجة العنف إمّا كبيرةً أو صغيرةً، بمدى انتشار صور تلك الدوافع الاجتماعية المؤدية للعنف ومنها اختلاف المستويات الفكرية، والاجتماعية، والعمرية، والدينية، والثقافية بين الزوجين، وعدم استقرار الحياة الزوجية داخل الأسرة أيضاً النزاعات بين أفراد الأسرة وتدخّل أهل الزوجين في حلّها، وتعدّد الزوجات، وحدوث الطلاق أو فقدان أحد الوالدين، كما أنّ التنشئة الخطأ لأحد الوالدين أو كلاهما وضعف الوازع الديني من صور دوافع العنف الأسري، وكذلك فقدان لغة التواصل والحوار بين أفراد الأسرة، وضعف الروابط داخل الأسرة والنزاعات المستمرة حول أساليب تربية الأبناء.

يؤدي الوضع الاقتصادي المتدهور في حياة الأسرة الناتج أحيانا عن فقدان الوظيفة، أو تراكم الديون، أو اللجوء للرهن، إلى ممارسة العنف اتجاه أفراد الأسرة ؛ وذلك نتيجة شعوره بالخيبة وارتفاع مستويات التوتر بسبب حالة الفقر التي يواجهها ، والجدير بالذكر أنّ المشكلات الاقتصادية المؤدّية للعنف لها أشكالاً مختلفةً، ومنها ما يلي:

تُعرف الدوافع الذاتية بأنّها الدوافع التي تنبع من داخل النفس الإنسانية وتدفعه نحو ممارسة العنف، ويُمكن تلخيص هذه الدوافع في صعوبة التحكّم في الغضب، ونقص احترام الذات، والشعور بالنقص، والاضطرابات الشخصية، والتدخين وتعاطي الكحول والمخدرات

و يُمكن تقسيمها إلى نوعين كالآتي:

المحور الرابع : أضرار وآثار العنف الأسري

 

 

تؤدي ظاهرة وحالات العنف السائدة في الأسرة إلى تمهيد الطريق للتفكك الأسري، سواء كان ذلك عن طريق الطلاق أو تعدد الزوجات أو فقدان أحد الأبوين لمدة طويلة، ما يؤدي إلى فقد الإحساس بالأمان، وتمزق الروابط العاطفية داخل الأسرة.

يؤدي التفكك الأسري وغياب الاستقرار الأسري والدفء العائلي إلى شعور الأفراد بالإحباط، ما يدفع البعض إلى أساليب خاطئة للتعبير عن الغيظ والكبت من خلال ممارسة العدوان على أفراد المجتمع، بما قد ينتج عنه اضطراب أمن واستقرار المواطنين في المجتمع .

المحور الخامس : علاج ظاهرة العنف الأسري

السبيل الوحيد للخروج من دائرة العنف الأسري هو اتخاذ إجراءات عملية صارمة وعدم إخفاء المشكلة أو السكوت عليها، والخطوة الأولى هي الإفصاح لشخص ما بشأن الإساءة، سواء كان مقربا أو صديقًا أو موفر الرعاية الصحية أو كبير العائلة أو مستشارًا دينيًا أو أي شخص آخر موثوق.

وتعتبر الاستجابة لمواجهة العنف الأسري جهدًا تتشارك فيه الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية وإنفاذ القانون:

الخاتمة

إن ظاهرة العنف الأسري نتجت عن الحياة العصرية، حيث تعد نوبات الضغط النفسي والإحباط، المتولد من متطلبات الحياة العصرية اليومية من المصادر الأساسية الأولية لمشكلة العنف الأسري.

فالعنف كما ذكرنا في مقالتنا البحثية سلوكٌ مكتسبٌ يتعلمه الفرد خلال مراحل التنشئة الاجتماعية مع تقدم عمره وينقلونه للأسف لأولادهم فيما بعد فالأفراد الذين كانوا ضحية للعنف في الصغر، يُمارسون العنف على أفراد أسرتهم في المستقبل.

وكذلك تلعب المعايير الاجتماعية والقيم الثقافية دوراً أساسيا وهاما في تبرير العنف الأسري، إذ أن القيم مثل الشرف والمكانة الاجتماعية تحددها أحيانا معايير معينة تستخدم العنف كواجب وأمر ضروري . وبذلك يتعلم الأفراد المكانة الاجتماعية وأشكال التقدير المصاحبة لها والتي تعطي الأقوياء الحقوق والامتيازات التعسفية أكثر من الضعفاء داخل الأسرة، وهذا أحيانا ينطبق بين الإخوة والأخوات.

وبالنسبة للدور العربية تبين من جميع الدراسات على ظاهرة العنف الأسري في مجتمعاتنا أن الزوجة هي أول ضحية وأكبر المتضررين وبالتالي أن الزوج هو المعتدي الأول يأتي بعدها  بهذا المنطق وفق الدراسات الأبناء والبنات في الترتيب كضحايا للعنف الأسري إمّا للأب أو للأخ الأكبر.

وفي نهاية المقالة البحثية  نقدم لكم  بعض المقترحات  للوقاية من الظاهرة

التأكيد على وزارتي التعليم والتعليم العالي بضرورة التوعية والتثقيف من خلال المؤسسات التربوية عبر المناهج الدراسية والندوات الثقافية والمحاضرات التعليمية ، لتوضيح الآثار السلبية الناجمة عن انتشار ظاهرة العنف بشكل عام والعنف الأسري بشكل خاص كإحدى المشكلات البارزة والآفات الاجتماعية وآثارها السلبي على المجتمع

Exit mobile version