هل سيحصل المتعافين من فيروس كورونا على اللقاح؟، أم أنهم سيكونون محصنين ضد المرض بشكل طبيعي بعد أن كونت أجهزتهم المناعية أجساما مضادة؟، تساؤلات مطروحة خاصة بعد تجربة بريطانيا اليوم في تطعيم ضد فيروس كورنا، وذلك ضمن برنامج التطعيم الشامل الذي بدأ في جميع أنحاء بريطانيا.
فيما يخص لقاح “فايزر” وبيونتك”، لم توضح لندن ما إذا كان المتعافون من الفيروس يجب أن يحصلوا عليه، فالمنطق يقول إن أجهزتهم المناعية قد حاربت الفيروس، وهذا يعني أنه ليسوا بحاجة إلى التطعيم، ودعم هذا الاعتقاد دراسة أجراها باحثون في جامعة “روكفلر” الأميركية، خلصت إلى أن المتعافين من كورونا يطورون دفاعًا سريعًا وأكثر فعالية، في حال واجهوا المرض ثانية.
ويظل التساؤل هنا مطروحًا هل سيحتاج المتعافون من كورونا بعد أن وصل عددهم اليوم إلى 47 مليونا – تقريبا ” من أصل 67769117 مليون إصابة بكوفيد-19″ في العالم إلى التطعيم أيضاً ضد كوفيد-١٩؟
مناعة قصيرة الأمد
ويجيب على هذا التساؤل الدكتور مجدي بدران، عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، لقد أصبح عدد اللقاحات التى أتمت المرحلة الثالثة للتجارب الإكلينيكية للقاحات ضد فيروس كورونا 12، ونظرياً و بحسب خبراتنا السابقة في التعامل مع الأوبئة الفيروسية هناك ملايين من الناس لم يصابوا ب فيروس كورونا كوفيد-١٩، لأسباب عديدة: منها أن بعض الناس لديهم بالفعل مناعة ضد الفيروس المستجد اكتسبوها وهم لا يدرون مطلقاً بأن نزلات البرد التي أصيبوا بها من قبل ظهور الجائحة الحالي يمكن أن تكون بسبب فيروس للكورونا آخر ينتمي لأربعة من فيروسات كورونا القديمة التي تسبب 30% من نزلات البرد العادية، مضيفًا بالرغم من أن المناعة المكتسبة من العدوى ب فيروس كورونا “كوفيد-19” قصيرة الأمد، إلا أن الجهاز المناعي في الأشخاص الأصحاء يكونون أجساماً مضادة مناعية، حيث يكتسب الجهاز المناعى أيضاً ذاكرة مناعية ضد الفيروس المستجد.
فيروس موسمي
ويرى بدران، أن العدوى تعني التعرض للفيروس بكامل مكوناته ولكن التطعيم باللقاح يعني التعرض لجزء منه، بمعنى في حال تحول فيروس كورونا كوفيد-19 لفيروس موسمي، وهذا متوقع فى السنوات القادمة و يمكن حتى للمصابين به من قبل التطعيم ضد النسخة الجديدة من الفيروس، لافتًا أن الأمل فى تنشيط الخلايا التائية، فالبعض الناس لديهم استجابات مناعية قوية بسبب الخلايا التائية، مما يبشر بتطوير مناعة وقائية طويلة الأمد نوعًا ما، بالإضافة إلى أن الخلايا التائية خلايا مناعية من خلايا الدم البيضاء تعرف بالخلايا الليمفاوية، تنشط الخلايا التائية المناعة الخلوية بدعوة الخلايا المناعية الأخرى للمشاركة في الاستجابة المناعية.
الخلايا التائية
وأضاف بدران، أن الخلايا التائية تحمي الجسم بتدمير الخلايا التي أصيبت بالعدوى بالفيروسات، موضحًا أن تطور الخلايا الليمفاوية التائية من الخلايا الجذعية في نخاع العظام، وتهاجر الخلايا التائية غير الناضجة إلى الغدة الصعترية عن طريق الدم، الغدة الصعترية هي غدة في الجهاز الليمفاوي تعمل بشكل رئيسي على تعزيز نمو الخلايا التائية، كذلك الغدة الصعترية تقع في الجزء العلوي من الصدر خلف عظمة القص وهي جزء من جهاز المناعة، وتفرز هذه الغدة “هرمون ثيموسين” الذي ينظم بناء المناعة في الجسم، ويساعد على إنتاج الخلايا الليمفاوية ويشرف على تنظيم المناعة في الجسم.
الدفاعات الخلوية
ولفت بدران، إلى أن الخلايا التائية فى الأشخاص المصابين بفيروس الكورونا المستجد تستهدف الفيروس، وقد تساعد على التعافي، فهناك بعض الأشخاص الذين لم يصابوا بفيروس الكورونا كوفيد-19 لديهم هذه الدفاعات الخلوية للخلايا التائية، والتفسير أنهم على الأرجح أنهم اكتسبوا مناعة خلوية من عدوى سابقة بفيروسات تاجية أخرى تسبب نزلات البرد العادية مؤكدًا إمكانية أن تساعد أيضًا في إحباط العدوى عن طريق تحفيز الخلايا التائية المساعدة التى تنشط الخلايا المناعية بشكل عام، و تنشيط الخلايا البائية لإنتاج أجسام مضادة، فضلا عن أن الخلايا التائية القاتلة نوع من الخلايا التائية يستهدف الخلايا المصابة وتدمرها، بالإضافة إلى أن الخلايا البائية المناعية تصنع أجسامًا مضادةً مناعيةً ضد فيروس كوفيد-19، تلتصق بالفيروس و تمنعه من دخول الخلايا.
مستويات مختلفة من الأجسام المضادة
ومن جانبه يرى دكتور عبدالعظيم الجمال، أستاذ دكتور المناعة والميكروبيولوجي بجامعة قناة السويس، مع انتشار وتزايد وتيرة الموجة الثانية من Covid-19 في غالبية دول العالم، تسعى غالبية الدول الآن لتطعيم مواطنيها ضد هذا الوباء اللعين، حيث بدأت بريطانيا بالفعل في تطعيم مواطنيها، موضحًا أن المتعافين من Covid-19 لديهم مستويات مختلفة ومتباينة من الأجسام المضادة، كذلك الحماية والمناعة التي يتمتع بها المتعافين تختلف مدتها واستمرارها في المستقبل من شخص لآخر، أي أن مستويات الحماية تختلف حسب الشخص، مشيرًا أن بعض المتعافين من Covid-19 معرضين للاصابة بالفيروس مرة أخرى، وبالتالي هم يحتاجون للحماية والوقاية من الفيروس كغيرهم.
نظرية مناعة القطيع
وأشار الجمال، أن ما أوردته التقارير الطبية في كوريا الجنوبية خير دليل ومثال على ذلك والتي أكدت على تعرض العشرات من المواطنين الكوريين للإصابة بالفيروس مرة أخرى بعد تعافيهم منه في السابق وخاصة في مدينة دايغو، والذي يعد أمرا خطيرا يبدد الآمال المرجوة من نظرية مناعة القطيع ، كما تؤكد التقارير الكورية أن فيروس Covid-19 يكون ناشطا داخل جسم المرضى حتى بعد الإعلان عن شفائهم، وبناء على ما سبق نستطيع أن نجد إجابة على التساؤلات المطروحة بشكل قطعي: إن المتعافين من فيروس Covid-19 يستحقون أن يحصلوا على اللقاح كغيرهم من المواطنين، مضيفًا أن بريطانيا قد بدأت بالفعل في تطعيم مواطنيها ضد الفيروس بلقاح شركتي فايزر وبيونتك، حيث تكون الأولوية للأطباء و هيئة التمريض و العاملين في المجال الطبي وأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن.