أناب فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، فضيلة أ.د/ عباس شومان، وكيل الأزهر، في افتتاح المؤتمر العلمي الدولي الأول لفرع جامعة الأزهر بأسيوط، الذي يُعقد تحت عنوان “الفهم الصحيح للتراث الإسلامي وأثره في علاج الانحراف الفكري”.
وفي كلمته نقل وكيل الأزهر تحيات فضيلة الإمام الأكبر للحضور ومطالبته بضرورة العمل على تصحيح المفاهيم التي دلَّسها المدلسون متهمين بها إسلامنا وشريعتنا.
وقال إن المؤتمر أصاب في عنوانه وهدفه واختيار مكانه ليكون بداية لتصحيح مفاهيم مغلوطة ليس فيها لبس ولا خفاء، وإنما أريد بها أن تكون كذلك فواجب العلماء والمثقفين ثقافة حقيقية اليوم التصدي لهذا الذي أرادوه للناس وأربك حياتهم وشغل عقولهم وأصبح طرءًا على المجتمع لاسيما من نفخر بهم وهم شبابنا الذي نعمل ليل نهار؛ ليكونوا على علم راسخ وأرض ثابتة.
وأكد وكيل الأزهر أن التراث الإسلامي حمل أكثر مما يحتمل، وجميعنا يتابع ويعرف كل ما يدبر للتراث من مكائد ليل نهار على شاشات الفضائيات في وقت لا يلتفت فيه إلى جهود العلماء ودفاعهم عن التراث ودحض أقوال المغرضين.
وتساءل وكيل الأزهر قائلاً: لقد تكوَّن التراث خلال 15 قرنًا من الزمان فلماذا لم نقرأ عن زمان واحد ردت فيه مشاكل المجتمع إلى التراث؟ وهل غفل الناس طوال تلك الفترة عن ذلك وفطن إليه العباقرة في زماننا دون غيرهم؟ إن تراثنا الإسلامي له الفضل في تجنيب المجتمع الإسلامي الكثير من الكواراث بل والوقوف في وجه الهجمات التي وجهت لبلاد المسلمين من خلال العلماء الذين تصدوا للاحتلال بعمائمهم قبل أيديهم وما الحملة الفرنسية والاحتلال الإنجليزي عنا ببعيد وسيبقى الجامع الأزهر خير شاهد على ذلك .
وأضاف وكيل الأزهر إن المشكلة ليست في فهم التراث وإنما في التعامل مع التراث؛ فالثابت عندنا والمعصوم والمقدس هو القرآن الكريم والسنة الصحيحة لنبينا، صلى الله عليه وسلم، والمعصوم من البشر هو رسولنا، صلي الله عليه وسلم، أما بقية كتب التراث فهي محل الاجتهاد والنظر لكن ممن يقدر على النظر فيها بطريقة علمية وموضوعية، وكذلك سنسمع لمن يراجع ما كتبه العلماء السابقون والأئمة العظام لأنهم بشر يصيبون ويخطئون لكن شريطة أن يكون الناظر عالمًا لا ينتقدهم من أجل الشهرة أو أن يقول أنا عالم.
وأوضح د/عباس شومان أن المجددين في الإسلام لا يرتبطون بقرن ولا بأي وقت من أوقات الناس ولا ينحصرون في مجدد واحد بل أكثر من مجدد في مختلف التخصصات فمن يجددون للناس أمر دينهم لا ينقطعون ومن يقف في طريق التجديد لا يتبع الشرع المتجدد، مشيرًا إلى أن الإسلام دين متجدد حتى في طريقة وصوله للناس؛ فمعظم الأحكام لم تنزل مرة واحدة بل جاءت متتابعة حتى اكتملت، وهي قابلة للاجتهاد طبقًا لأحوال الزمان والمكان، موضحًا أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، باشر التجديد في فترة أقل من ربع قرن من الزمان جدَّد فيها كثير من الأحكام، وعلى نهج النبي سار الصحابة رضوان الله عليهم .
وأشار وكيل الأزهر إلى أننا لا نقول بعصمة التراث، ولكن نطالب بالابتعاد عن كتاب الله وسنة رسوله والرسول المعصوم وعدم الحديث عنهم؛ فلن نقبل ذلك كعلماء من أحد، أما ما أنتجه الفقهاء والعلماء من علم فهو قابل للاجتهاد وهذا رأي الأزهر الذي نربي عليه أبنائنا، أما محاولة إيهام الناس بما ليس من تراثنا من المدسوسات فهذا افتراء.
وشدَّد د/عباس شومان على أن علماء الأزهر هم القادرون على التعامل مع التراث، وعلى من لا يملك من العلم شيئًا أن يبتعد بجهله عن إضلال الناس متسائلاً: ماذا لوأخذنا بأقوال هؤلاء وحذفنا آيات الجهاد مثلاً؟ وجاء الاحتلال نقول لهم “ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين”، كما شدد على أن مناهج الأزهر علمت العالم الاعتدال والوسطية ولن نقبل أن تتهم بالعنف، نحن في الأزهر نقبل النقد وندرسه للطلاب في المذهب الواحد بل في المسألة الفقهية الواحدة، نقبل نقد المناهج ونقد التراث ونقد القائمين عليه، ولكن النقد الحقيقي الذي يقدر العلماء، ومن فعل هذا فمرحبًا ومن تجاوز فنحن له بالمرصاد.