اللهم انصر إخواننا في فلسطين ❤️🇵🇸🇵🇸

مقالات تربوية

حوار حول التعليم والإبداع

علا العلمى
علا العلمى

تقديم : علا العلمى

خبيرة تنمية بشرية وتطوير الذات

كما أوضحنا فى الحوار السابق إن علاج أي مشكلة منبعه الإنسان، لأنه هو محور الكون، والإنسان في الحقيقة ليس هو الجسد، فكل الكائنات الحية تمتلك هذه الصفة، بل الإنسان هو التربية التي يحملها، والقيم التي يعتقدها، والسلوك الذي يقوم به .. ومن هنا نستكمل حوارنا مع د. ماجدة مدكور وحوار مفتوح حول التعليم والإبداع..

علا العلمى: حضرتك تقولين أن (العائق هو عدم وجود سياسة واضحة لتحقيق هذا الهدف.)

وأنا أرى أن هناك سياسة تكاد تكون واضحة ولكنها غير مستمرة بمعنى أنه لا توجد أجندة تسير عليها الحكومة أو بمعنى أدق القائمين على التعليم فكل وزير يأتى بحقيبته وما فيها من أفكار ثم يأتى بعده بأفكار أخرى ويطرح السابق جانباً ..فلو هناك أجندة فكرية لكان كل مسئول عليه التطبيق أو التعديل وليس الطرح والتبديل … ما رأى حضرتك ؟

د. ماجدة مدكور: أنا أتحدث عن عدم وجود سياسات نابعة من رؤية محددة ، وهى التعليم الحديث ، القائم على الإبداع و الإبتكار لمواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين و لنلحق بالدول المتقدمة ..أما تغييير الوزراء و الحقائب فهذا كله يدور فى نفس المنظومة التقليدية، وهى التعليم القائم على الحفظ و التلقين و المنافسة على الدرجات..هذه المنظومة لا تعكس تعليم حقيقى ؛ ولذلك نحن لا يمكن أن نتقدم للأمام بهذه المنظومة

علا : حضرتك تقولين أن ( الحل هو أن تبدأ وزارة التربية و التعليم فى وضع سياسة جديدة للتعليم بإعادة هيكلة المدارس بصورة تدريجية تخرجها من المنظومة الحالية إلى التعليم الحديث ..) بالفعل قامت الوزارة بتبنى الكثير من النظريات الحديثة ولكن للأسف لم يكن هناك أى مردود إيجابى على الواقع التعليمى فى مصر ..

فى رأيك ما هو السبب لذلك ؟ وأين تكمن أو تبدأ المشكله حتى نتجه إلى حلها ؟

وفى وجهة نظرك السياسة التعليمية فى مصر ما الذى تحتاج إليه وماهو المناسب لها من الطرق والمدارس الحديثة ؟

د. ماجدة مدكور: تبنى نظريات حديثة و إعداد دورات تدريبية للمعلم لايعنى إعادة هيكلة للمدارس.. البداية الحقيقية هى أولاً ، قرار سياسى بتبنى رؤية جديدة للتعليم بعيدة عن الحفظ و التلقين..ونبدأ فى عمل خريطة لكل مدارس مصر و نحدد مشاكل المدارس طبقا لكل منطقة تعليمية ..هناك مدارس تحتاج لأدوات ومبانى و هناك مدارس تحتاج لتغيير فى الإدارة ، و هناك مدارس تنقصها موارد مالية، و هناك مدارس تحتاج لمعلمين…ثم نبدأ فى تغيير البيئات التعليمية داخل المدارس.. البيئة التعليمية غير صالحة أن نعلم فيها تلاميذ يفكرون و يبدعون و يبتكرون .. نحتاج أيضا لمراجعة المناهج و إدخال مناهج حديثة نعلم أطفالنا الذكاء العاطفى و الذكاء الإجتماعى و الذكاء المتعدد و التفكير العلمى .. تدريب المعلم يكون داخل المدرسة مع تقييم دورى لما يطبقه داخل الفصول، و أن يكون التأهيل المهنى مصاحبا للتأهيل النفسى و الأخلاقى لكل من يعمل فى قطاع التعليم.. نحتاج أيضا للتخصص ، فالمتخصص هو الذى يقوم بتدريس المادة العلمية ، و المتخصص هو الذى يدير المدرسة ..نحتاج كذلك لأساليب حديثة لتقييم التلاميذ بعيدا عن صراع الدرجات و المنافسة.. ونحتاج لجهاز محاسبة ..فتغيير التعليم إذن هو منظومة متكاملة من عدة إجراءات يكمل بعضها البعض ، و ليس فقط تبنى نظرية حديثة.

علا : هل ممكن أن تلقى بعض الضوء عن (التفكير الثقافى) وما مدى إحتياجنا له فى هذه الفترة ؟

د. ماجدة مدكور: الثقافة هى البيئة التى من خلالها يتعلم الإنسان و يتفاعل ، فتوجد ثقافة الفرد وثقافة الأسرة و ثقافة الفصل المدرسى و ثقافة المجتمع ، و الثقافة العالمية..وجزء من الثقافة ما توارثناه من عادات وتقاليد ومعتقدات، منها الإيجابى ومنها السلبى.. من الإيجابى القيم التى تساهم فى تماسك الأسرة و احترام الكبير و العطف على الصغير .. ومن السلبيات أسلوب تربية الطفل بالعنف و الضرب و التلقين..لقد أدرك علماء التربية فى العالم الغربى أن التفكير الثقافى هو جزء من البيئة التى يجب أن يهتم بها المعلم فى المدرسة ، خاصة مع تعدد الثقافات و الصراعات التى اندلعت بسبب عدم تقبل الآخر و زيادة التعصب و التطرف، ومن هنا بدأوا فى وضع مناهج للثقافة و التفكير الثقافى حتى يتعلم الطفل كيف يتأقلم مع الثقافات المتعددة ، و كيف يفرق بين السلبى و الإيجابى مما ينقله أو يتوارثه، ويكون على وعى بحقوقه ووجباته.. ولذلك يجب أن يتم إعداد البيئة الثقافية داخل الفصول بصورة إيجابية تعكس العدل و الرحمة و المحبة و التعاون. نحن نحتاج أن نعلم أطفالنا اكتساب مهارات التفكير الثقافى حتى يتعلموا منذ الصغر معنى الإختلاف و التعدد و قبول الآخر و القدرة على التأقلم والتحرر من السلبيات و التمسك بالإيجابيات.

علا : رائع ..فعلاً هذا ما نحتاجه اليوم فى مجتمعنا وخاصة ما أستجد على المجتمع المصرى من أفكار تطرفية وتعصبية أدت إلى عدم تقبل الأخر والوصول إلى حد التكفير وأحيانا الدعوة بإسقاط الجنسية كل هذا لمجرد أنه مختلف معه أو وجده مختلف مع مايراه صواباً.

د. ماجدة مدكور: فعلاً

علا : سيدتى هل هناك آليه معينة لتطبيق ذلك الفكر الذى أجده حيوياً وضرورياً لمجتمعنا اليوم ؟ وهل ممكن أن نعمل على تطبيقه بكل بساطة بدون نظريات أكاديمية تصعب على من يقوم بتطبيقها ؟

نريد أن ننهض بالأمر حتى ولو كان فى صورة مبادرة أو دعوة للجميع حتى يصبح أسلوب حياة وليس نمط تدريسى داخل أروقة المؤسسات التى لفظها الطالب وأخشى أن يكون المعلم أيضاً ..نريد للتفكير الثقافى ان يكون اسلوب حياة وليس مجرد منهج فى كتاب ..ما راي حضرتك ؟

د. ماجدة مدكور: ممكن أن يكون أسلوب حياة بنشر الوعى بين الناس و تدريبهم

لكن مما لا شك فيه أن وسائل الإعلام و المدرسة يلعبان دوراً هاماً

علا : أكيد ولا أنكره عليهم

فكيف يتم نشر الوعى بين الناس ؟

د. ماجدة مدكور: من خلالهم بالإضافة إلى الجميع

علا : سيدتى كان قديماً الكل يربى ويده فى الموضوع ..حالياً الكل يقول وأنا مالى!!

د. ماجدة مدكور: ممكن كذلك أن يتم عندما يشعر كل فرد بمسؤوليته و يقوم بها

إلى أن يشعر الأخرون علينا بجد أن نعمل على ترسيخ هذا الفكر وخاصة مع الأجيال الناشئة حالياً

علا العلمى: هناك الكثير من طلاب المدارس ليس عندهم أى إنتماء ويكرهون التاريخ الذى يدرسونه فى مدارسهم ..لماذا لأنه قدم بشكل غير جذاب وكذلك أنعدمت القدوة أمامه

د. ماجدة : نحن لا نريد أن نركز على السلبى ، و إلا لن نتقدم خطوة واحدة..على كل فرد أن يصبح هو التغيير الذى يريد أن يراه ..تدريجيا سيحدث التغيير

علا: تمام وأنا لا اركز على السلبى بدليل أنى أريد أن نقوم بعمل إيجابى مع كل من يهمه الأمر الى أن يعى المعنى بالأمر بالفعل

د. ماجدة : هذا واضح بالفعل.. ونقدم لك الشكر على هذا الجهد و أكيد مواصلة الجهد سيثمر حتما.

علا : أشكرك سيدتى ..ولكن أريد بالفعل كيفية تدشين هذا الأمر والدعوة إليه ؟

يمكنك ذلك بزيادة الوعى بين الناس .. مثل هذة الحوارات تساعد على ذلك ..كل خطوة تقومين بها من أجل تحسين ولو شىء بسيط هو بمثابة حجر فى البناء.

علا : الشكر لله

من داوم الطرق سيفتح له إن شاء الله

د. ماجدة : فعلاً..فعلاً ..إن شاء الله .. ولكل مجتهد نصيب

علا: حضرتك أثرتى نقطة غاية فى الأهمية (لقد ضاعت الرؤية فى هموم كثيرة أحدثتها الزيادة الهائلة فى السكان فأربكت النمو الإقتصادى بالكامل وكان لهذا أثره على التعليم من حيث تضخم المدارس وتكدسها بأعداد ضخمة من التلاميذ بدون مدرسيين، وساءت أحوال التعليم تباعا ؛) لماذا لم تعتبر اليابان او الصين وهم من أصحاب المليارات السكانية ان النمو البشرى عائق فى سبيل نهضتهم ؟؟ ولماذا لا نعتبر نحن الزيادة السكانية بمثابة موارد بشرية اقتصادية ؟؟؟ سيدتى ألست معى ان اعتبار الانسان مشكلة وليست مورد أمر غير طبيعى لأننا أكيد لم نخلق عبثاً وانما خلقنا لهدف ..وعدم استغلالنا لما خلقنا له هو الذى أوصلنا الى ما نحن فيه الان ؟

د. ماجدة: الفرق أن اليابان والصين كانت لديهما خطط لمواجهة هذا الزحف السكانى .. الزيادة السكانية، هى طاقة بشرية عندما تكون مدربة و منتجة ..نعود مرة أخرى للثقافة.. الثقافة فى الصين و اليابان مختلفة.. لقد ورثنا ثقافة تأخذ و لا تنتج ..تعود الفرد أن يأخذ كل شىء بالمجان .. لم يكن هناك خطط مستقبلية لمواجهة هذة التحديات..أعتقد أننا قد تعلمنا الدرس الآن و يجب أن نبدأ فى اللإستفادة من الطاقة البشرية بتوفير التدريب لها

لا يجب أن نفكر أننا عبء ..يجب أن نفكر بطريقة إيجابية و أن نبدأ فى تنمية أنفسنا لنساهم فى البناء

علا : دكتورة ماجدة متى دخلت علينا هذه الثقافة ومن التى علمها لنا؟!

ففى أثناء الفتح العثمانى لمصر قام سليم الأول بأخذ جميع الحرفيين والصناع المهرة إلى الأستانة حتى يعلموهم الصناعة وترك فى مصر من هم دون المستوى ؟

كذلك فى التاريخ الحديث والمعاصر وما عمله الإستعمار بنا من احتكار للصناعة والمواد الخام وعودتها فى صورة منتجات نقوم بشرائها مرة اخرى ؟

لقد تعلمنا فعلاً ولكننا تمادينا فى هذا الدرس الذى أرخى العضلات وأمات القلب قبل رحيله ؟

د. ماجدة : أعتقد أننا استوعبنا الدرس الآن …أرى بعض الجهود الفردية التى تعمل بجد وهى بمثابة البذرة الطيبة للتغيير الذى نريده.

وأهم شىء هو أن نهتم بالأطفال و تربيتهم بطرق حديثة لأنهم المستقبل لهذا الوطن الغالى

علا :حضرتك تكلمتى عن بعض سلبيات المجتمع اسمحيلى نناقشها لنصل الى وضع تصور او حلول لها ..

د. ماجدة : إن ثقافة تربية الأطفال تقوم على مبدأ التشكيل، و بالتالى أبعدنا الطفل أن يتواصل مع نفسه و ينمى تفكيره و ينفعل بالتجربة ليتعلم و يعبر بحرية و يُبدع و يبتكر..

أعتقد أن الأسلوب الذى يتبعه الأباء و الأمهات ، و حتى فى المدارس لتشكيل الأطفال يعوق نمو مهارت التفكير عند الطفل .. لم نتخلص من أسلوب تشكيل الطفل لأن أولياء الأمور يريدون أولادهم نسخة منهم ، ويهم يرسمون مستقبل أطفالهم بناء على أحلامهم هم الشخصية و بالتالى الأطفال تتحمل عبء آمال و أحلام و حتى احباطات الأباء و الأمهات، ففقدوا ذواتهم ..يجب أن نشجع الطفل أن يرسم و يحقق أحلامه بنفسه،حتى ينمو و يكتشف قدراته و مهاراته بحرية ..

علا : كيف وماهو السبيل لتغير هذا الفكر عند الآباء و المربين أو من هو مسؤل عن ثقافة المجتع ؟

د. ماجدة : نحتاج لبرامج وورش عمل لتعليم الأباء والأمهات الطرق الحديثة فى تربية الطفل و نشرح لهم الفرق بين الطرق القديمة و الطرق الحديثة، ونوضح لهم مساوىء الطرق القديمة و مزايا الطرق الحديثة و النتائج المترتبة على تطبيق هذة الطرق الجديدة بعرض أمثلة و نماذج من واقع الحياة.. بالتعليم و التدريب سيتبين لهم الفروق بين الطريقتين والأسلوبين .. نشر ثقافة جديدة فيما يتعلق بتربية الأطفال أيضا تساهم كثيرا فى ذلك؛ وهنا يكون دورالإعلام من صحافة و برامج الإذاعة و التليفزيون ، وكذلك دور المدرسة ..المسؤولية تقع على عاتق الفرد و المجتمع لنشر الثقافة الجديدة فى تطبيق طرق حديثة لتربية الطفل قائمة على ملاحظة نمو الطفل و شمله بالرعاية و الحب الغير مشروط و توفير البيئة الملائمة الآمنة لنموه، و التى من خلالها يعبر عن نفسه بحرية و إبداع من غير أن نتدخل فى تشكيله.

وإلى هنا يكون للحوار بقية مع الدكتورة ماجدة مدكور تستكمل معنا رؤيتها حول التعليم والإبداع يمكنك المشاركة فى الحوار بإرسال أسئلتكم إلينا .

إظهار المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

تم إكتشاف مانع الإعلانات في متصفحك

برجاء تعطيل مانع الإعلانات لتصفح الموقع بشكل أفضل وكذلك دعم الموقع في الإستمرار، بعد التعطيل قم بعمل إعادة تحميل (Refresh) للصفحة