أ . د / محمد إبراهيم طه
كلية التربية ـ جامعة طنطا

يرتبط الإعلام ارتباطا وثيقا بالمجتمع فهو من الوسائل الناقلة للمعرفة وأنماط التفكير وذو علاقة فاعلة ومتداخلة مع منظومة القيم الإجتماعية ، ويساهم في تعليم أفراد المجتمع المهارات والقيم والمعتقدات التي يقدرها المجتمع ، حيث لم تعد الأسرة المؤسسة الوحيدة للتنشئة الإجتماعية فقد بات مؤكدا تراجع دور الأسرة التقليدي في ظل وجود وسائل الإعلام التي احتلت مكانة كبيرة في المجتمع حيث سعت إلي توجيه الأجيال الصاعدة ، وأصبحت عنصرا مهما بالنسبة للمؤسسات المتحكمة في مصير الشباب والتأثير في أذواقه علي وجه الخصوص ، ويري علماء النفس والإجتماع أن الشباب يتغذي فكريا ويكون شخصيته إعتمادا علي النماذج التي يقوم الإعلام ببثها .

إن أطفال اليوم يواجهون عدة جبهات وقنوات تنشيئية ، يصارعون من خلالها مجموعة متفرقة من التحديات الثقافية المعقدة ، وتعكس واقع مجتمعاتهم المعاصرة من جراء الكم الهائل من الوسائط الإتصالية والإعلامية التي اصبحت تحل محل الخلايا التقليدية في توجيههم . فقد بدأ الطفل يفقد الكثير الضروري لتكوين رؤية سليمة لكل مايحيط به من مواقف وقيم واتجاهات ومعايير معقدة وغريبة بل ومتناقضة أحيانا ، فالوسائط الإعلامية تعتمد في تنشئتها علي الإثارة والمتعة والإستحواذية من خلال الصورة والصوت واللون والحركة ، في حين أن الأسرة تعتمد أنماطا تقليدية الأمر الذي أوقف الأسرة عند مفترق طرق من حيث تنشئتها لأبنائها ، الأمر الذي جعل الناشئة أمام صراع حاد بين تنشئتين : تقليدية في أحضان الأسرة والمدرسة ، وتواصلية من خلال الوسيط الإعلامي تليفزيون ، وسينما ، وصحافة ، وإنترنت….الخ.

ويلاحظ من تحليل البرامج المصرية الموجهة للطفل أنها لاتهتم أو تضع في تخطيطها بناء صورة ذهنية محددة لدي الطفل ،سواء عن مجتمعه المحلي أو العربي ، وتبدأ عملية الغرس الثقافي بتكوين صولرة نمطية ذهنية لدي الأطفال المصريين عن مجتمعهم مقارنة بالمجتمعات الخارجية مما يؤثر علي الطفل بشكل عام ويزعزع انتماءخ إلي وطنه .

إضافة إلي أن البرامج الإعلامية قد تحمل العديد من القيم المغايرة في مضمونها لقيمنا ، بل إنها قد تتنافي مع قيمنا وعاداتنا ، ورغم ذلك فإن الكثير من شبابنا الذي يشاهد هذه البرامج يتشرب هذه القيم تحت شعار تقليد الحضارة الغربية ، كما أن ماتعرضه القنوات الفضائية من ترف زائد ومبالغ فيه تسبب في انفصال تدريجي لهؤلاء الأطفال عن الواقع الذي يعيشون فيه .ويؤثر هذا علي تكوينهم النفسي والانفعالي ، كما يؤثر في درجة استعدادهم للتعامل مع الحياة الواقعية مما قد يؤدي ببعضهم إلي الهروب والإنسحاب من واقع الحياة .فضلا عن تعميق المشاعر الذاتية لديهم أكثر من الإلتزام الإجتماعي وتعميق احساسهم بالإغتراب .

وأخيرا فإن هناك عدة اسئلة تطرح نفسها :

مامدي تأثير الإعلام في القيم الإجتماعية الإيجابية منها كقيم التسامح ، وقيم التماسك الأسري ،وقيم التكافل الإجتماعي أو السلبية منها كالقيم الفردية أو الغربية ؟ وماأكثرالوسائل الإعلامية تأثيرا في القيم الإجتماعية ؟ وكيف يمكن أن يكون الإعلام وسيلة لتأصيل القيم الإجتماعية الإيجابية ؟

هذا ماسنتناوله في المقال القادم فتابعونا .

روابط نرشحها لكم

لقرار التقويم الشامل اضغط هنا

لتحميل الكتب المدرسية اضغط هنا

لتدريب ترقية المعلمين اضغط هنا

للإطلاع على أخبار محافظتك اختر المحافظة من الجدول