اللهم انصر إخواننا في فلسطين ❤️🇵🇸🇵🇸

مقالات تربوية

   الرحيل بقلم محمد خطاب

         

بقلم : محمد خطاب

في انتظار أن يحدث شيء ، ثوان ثقال  لا تمر و دقات الساعة تعلن النفير العام  في حواسي ، الطريق يمتد أمامي في ليلة صيفية ساخنة أشعر بصهد يخرج من أحشاء الإسفلت ، غلبتني فكرة رحيلها و لم أشعر بالعرق المتساقط علي جبيني ، صوتها الدفيء وهي تسألني عن النجوم ما إذا كان يسكنها أحد ،كانت تقول : هو فيه حد غيرنا في الكون ؟

ولم تنتظر الإجابة فقد عادت لقراءة القرءان من المصحف خلف الشيخ عبد الباسط عبد الصمد في التلفزيون ، تتلعثم في بعض الكلمات ثم تعاود قراءتها ، ثم تقول مبتسمة: أكيد ربنا هيسامحني؟

شعوري بالدفء في وجودها كان ينسيني آلامي كنت أستظل بروحها و أستلقي وسادة من الحب الطاهر المنزه عن المصلحة ، كان الزمن يتوقف عن المسير في صحبتها رغم طقطقت عقرب الساعات.

فجأة جاءه صوت اتصال مرتبك : الحق أمك تعبت خالص !

  أسرعت الخطي نحو الدار ، و أنفاسي  تتصاعد بصعوبة و كأني أفارق الحياة … وصلت المنزل و الوجوم يسيطر علي وجوه الجميع … لا أري أحدا ، و لا أسمع سوي أنات أمي ، بدا واضحا عليها التعب الشديد ، أنفاسها تتقطع بصورة غريبة تردد بصوت متقطع : نفسي.. نفسي .. مش قادرة آخذ نفسي . تنظري إلي مستغيثة و أنا أنفس بخاخة كلينيل في فمها  مطمئننا  :  استنشقي بقوة و ستذهب الكريزة لحالها .

كان وجهها محمرا و سكرات الموت تذهب بها و تسألني :

مبتسألش عليه ليه؟ بموت يا محمد .. ابنك عامل ايه .

وقبل أن أجيبها تقول : بموت يا محمد نفسي رايح .

أخذتها في حضني وكأني أخفيها عن الأقدار : أنت بخير دلوقتي نفسك هيرتاح .

 نظرت إلي غير مصدقة قالت : عطشانة .

 سقيتها الماء و أنا أغالب الدموع قلت لها : هي دي أول مرة تتعبي فيها .

أربعون يوما بالتمام مفصل الفخذ مكسور و هي  تصرخ و تتألم  و الطبيب يأتي و يكتب لها علي مسكنات دون فائدة.. الألم لا يبارح جسدها و الصراخ لا يتوقف  .. و كل أطباء العظام أجمعوا أن العملية مستحيلة لكبر سنها و لأنها لن تتحمل إجراء العملية أو البنج .. التقرحات ملأت جسدها من طول فترة الرقاد .. و المراهم لا تجدي .. في نهاية اليوم الأربعين بدأ الألم يقل ، قالت : شوفت أبوك في الجنة .. و أنا لابسة فستان الفرح و رايحه له. قبلت جبينها و قلت لها:  لن تذهبي سنظل معا أو نرحل معا.

أنفاسها تتقطع بصورة غريبة و فجأة بدأ كل شيء في الانهيار، بدأ عالمي  يتداعي مع خروج الروح وقفت و أخوتي عاجزين عن فعل شيء فقط نتألم و نتحسر علي روح طاهرة تغادر أجسادنا جميعا لا جسدها ، ألم خرج من جسدها و سكن روحي إلي اليوم .

إظهار المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

تم إكتشاف مانع الإعلانات في متصفحك

برجاء تعطيل مانع الإعلانات لتصفح الموقع بشكل أفضل وكذلك دعم الموقع في الإستمرار، بعد التعطيل قم بعمل إعادة تحميل (Refresh) للصفحة