اللهم انصر إخواننا في فلسطين ❤️🇵🇸🇵🇸

شخصيات علمية وتربوية

ابن ملكا البغدادي

ابن ملكا البغدادي (480-560هـ / 1087 -1165م) أبو البركات هبة الله بن علي بن ملكا البغدادي، طبيب وفيلسوف اشتهر في القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي. لقب بأوحد الزمان، وعرفه عامة الناس باسم البلدي. ولد ونشأ بالبصره، ثم سافر إلى بغداد وعمل في قصور الخليفتين العباسيين المقتدي، والمستنصر ، وحظي بمكانة عظيمة، حتى لقب بفيلسوف العراقيين في عصره.

images
ابن ملكا البغدادي

ولد ابن ملك البغدادي في أسرة من أصل يهودي وترعرع بين آل ملته ولكنه اعتنق الاسلام  وتفقه فيه حتى صار حجة وصار في مقدمة علماء المسلمين في  العالوم التطبيقية.

يقول هبة الله بن ملكا البغدادي في كتابه (المعتبر في الحكمة): (.. فعلى هذا يسهل طريق التعليم الحكمي الذي يكون بالنظر والاستدلال، وهذا القانون بعينه يستعمل في هذا العلم المسمى بالعلم الطبيعي المنسوب إلى الطبيعية، وهو المشتمل على العلم يساير المحسوسات من الحركات والتحركات والمحركات، وما مع الحركات وبالحركات والمتحركات وفي المتحركات من الآثار المحسوسة). ويمضي ابن ملكا في الورقة الخامسة من نفس المخطوط يقول: (.. وقوم سموا بالطبيعية كل قوة جسمانية، أعني كل مبدأ فعل يصدر عن الأجسام مما وجوده فيها، فتكون الأمور الطبيعية هي الأمور المنسوبة إلى هذه القوة، أما على أنها موضوعات لها، وكما يصدر عنها كالأجسام، فيقال أجسام طبيعية، وإما آثار وحركات وهيئات صادرة عنها كالألوان والأشكال. والعلوم الطبيعية هي العلوم الناظرة في هذه الأمور الطبيعية، فهي الناظرة في كل متحرك وساكن، وما عنه، وما به، وما منه، وما إليه، وما فيه الحركة والسكون. والطبيعيات هي الأشياء الواقعة تحت الحواس من الاجسام  وأحوالها، وما يصدر عنها من حركاتها وأفعالها، وما يفعل ذلك فيها، من قوى وذوات غير محسوسة، فالعلم يتعرض لأظهرها فأظهرها أولاً، ويترقى منه إلى الأخفى فالأخفى..).

في كتاب ابن ملَكا (المعتبر في الحكمة) نصوص هامة تختص بحركة الأجسام، ومنها:

  • أنواع الحركة :

يشير ابن ملكا إلى نوعين من الحركة، هما الحركة الطبيعية والحركة القسرية.

حيث يقول: “… فإن الحركة أما طبيعية وإما قسرية، والقسرية يتقدمها الطبيعية، لأن المقسور إنما هو مقسور عن طبعه إلى طبع قاسره، فإذا لم يكن حركة بالطبع لم يكن حركة بالقسر، والطبيعية إنما تكون عن مباين بالطبع إلى مناسب بالطبع، أو إلى مناسب أنسب من مناسب..”.

“يقصد ابن ملَكا بالحركة الطبيعية حركة الجسم تحت تأثيره قوة الجاذبية الأرضية، حيث أن الجسم يسعى في طلب وضعه الطبيعي عند مركز الأرض، ومن ثم جاءت تسمية هذا النوع من الحركات عن تعريض الجسم لمحرك خارجي يجبره على تغيير مكانه أو وضعه

مثال ذلك رمي السهم أو الحربة أو الحجر”.

ويؤكد ابن ملَكا هذه المعاني في موضع آخر من كتابه فيقول: “فبهذا يعلم أن لكل جسم طبيعي حيزاً طبيعياً، فيه يكون بالطبع، وإليه يتحرك إذا أزيل عنه، وهذا الحيز ليس هو للجسم بجسميته التي لا يخالف بها غيره من الأجسام، بل بصفة خاصة به هي طبيعية فقوة أو صورة خاصة بذلك الجسم، خصته بذلك الحيّز، وحركته إليه، فتلك الطبيعة الخاصة في ذلك الجسم مبدأ حركة بالطبع وسكون بالطبع، والتحريك النقلي المكاني إنما يكون عنها بعد سبب طارئ يخرج الجسم عن حيزه الطبيعي، فتحركه هي إليه”.

يوضح ابن ملكا في هذا النص سمات الحركتين الطبيعية والقسرية، كما أنه يشير إلى وجود خاصية مدافعة الجسم عن بقائه على حاله، وهي بعض معاني القانون الاول للحركة، أو على وجه أصح قانون ابن سينا في الحركة والسكون.

  • كمية الحركة:

كتب ابن ملكا عن حركة التساقط الحر للجسم تحت تأثير قوة جذب الأرض له.

وأشار إلى أن حركة الجسم تتزايد في السرعة كلما أمعن الجسم في هبوطه الحر، بحيث أن تأثيره يشتد مع طول المسافة المقطوعة، يقول ابن ملكا: “

 فإنك ترى أن مبدأ الغاية كلما كان أبعد، كان آخر حركته أسرع، وقوة ميله أشد، وبذلك يشج ويسحق، ولا يكون ذلك له إذا ألقي عن مسافة أقصر، بل يبين التفاوت في ذلك بقدر طول المسافة التي يسلكها..”

يقول”هذا قول صحيح تماماً إذا إن سرعة الجسم الساقط سقوطاً حراً (أي تحت تأثير الجاذبية الأرضية فحسب) تتزايد بحسب المسافة التي يهبطها الجسم، وبالتالي فإن كمية حركية  (وقد عبر عنها ابن ملكا بقوة الميل) تزيد ويشتد تأثيرها، فالحجر الساقط من علٍ كلما كان موضع بدء هبوطه أعلى كلما كانت شدة وقعه أقسى، فيشج ويسحق على حد تعبيره”.

  • التساقط الحر للأجسام:

وقف علماء العرب والمسلمين على حقيقة تساقط الجسم تساقطاًحراً تحت تأثير قوة جذب الارض، متخذاً في ذلك أقصر الطرق في سعيه للوصول إلى موضعه الطبيعي، وهوالخط المستقيم.

وفي هذا الشأن يقول ابن ملكا: “فكل حركة طبيعية فعلى استقامة”، ويقول في موضع آخر: “..ثم سماء بعد سماء، كل في حيزه الطبيعي، إلا أن هذه التي تلينا تسكن في أحيازها الطبيعية، وتتحرك إليها (إذا أخرجها مخرج عنها) حركة مستقيمة تعيدها في أقرب مسافة إليها على ما يرى..”.

كذلك أيقن ابن ملكا أنه لولا تعرض الأجسام الساقطة سقوطاً حراً  لمقاومه الهواء لتساقطت الأجسام المختلفة الثقل والهيئة بنفس السرعة.

وبذلك يكون ابن ملكا أول من نقض القول المأثور عن أرسطو طاليس بتناسب سرعة سقوط الأجسام مع أثقالها، وهو قول خاطئ تماماً، فيكون ابن ملكا قد حقق سبقاً أكيداً في مجال حركة الأجسام تحت تأثير الجاذبية الأرضية قبل جاليلو جاليلي (1564 ـ 1642م) بحوالي خمسة قرون من الزمان.

ويقول ابن ملكا: ” وأيضاً لو تحركت الأجسام في الخلاء، لتساوت حركة الثقيل والخفيف، والكبير والصغير، والمخروط المتحرك على رأسه الحاد، والمخروط المتحرك على قاعدته الواسعة، في السرعة والبطء، لأنها تختلف في الملء، بهذه الأشياء بسهولة خرقها لما تخرقه من المقاوم المخروق كالماء والهواء وغيره..”.

  •  القانون الثاني للحركة :

لعل أقرب ما توصل إليه علماء العرب والمسلمين من معاني ما تعارفنا على تسميته  بالقانون الثاني للحركة.

هو قول ابن ملكا: “وكل حركة ففي زمان لا محالة، فالقوة الأشدّية تحرّك أسرع، وفي زمان أقصر، فكلما اشتدت القوة ازدادت السرعة، فقصر الزمان، فإذا لم تتناه الشدة لم تتناه السرعة، وفي ذلك أن تصير الحركة في غير زمان وأشد، لأن سلب الزمان في السرعة نهاية ما للشدة”.

يشير ابن ملكا في هذا النص إلى أن سلب الزمان في السرعة نهاية ما للشدة، كما قال د. الدفاع، “فابن ملكا لم يقل سلباً لزمان في قطع المسافة (ويعني ذلك زيادة السرعة، حيث السرعة تساوي المسافة مقسومة على الزمان”، وإنما قال سلب الزمان في السرعة، وهذه إشارة إلى التسارع  (أو العجلة) حيث التسارع يساوي السرعة مقسومة على الزمان (أو هي على وجه الدقة معدل تغير السرعة بالنسبة للزمن). ويتضح من هذه المعاني أن ابن ملكا يشير إلى تناسب القوة مع تغير السرعة بالنسبة للزمن، وهذا معنى قريب جداً من القول بتناسب القوة مع التسارع.

  •  القانون الثالث للحركة :

يشير ابن ملكا إلى القانون الثالث للحركة  في قوله: “إن الحلقة المتجاذبة بين المصارعين لكل واحد من المتجاذبين في جذبهما قوة مقاومة لقوة الآخر، وليس إذا غلب أحدهما فجذبها نحوه يكون قد خلت من قوة جذب الآخر، بل تلك القوة موجودة مقهورة، ولولاها لما احتاج الآخر إلى كل ذلك الجذب”.

وهذا قول واضح في أن لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه، فالحلقة التي أشار إليها في المثال ما هي إلا جسم في حالة اتزان تحت تأثير قوتين متساويتين مقداراً متعاكستين اتجاهاً.

إظهار المزيد

kamilea oraby

ماجستير _ فيزياء _ جامعة الزقازيق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

تم إكتشاف مانع الإعلانات في متصفحك

برجاء تعطيل مانع الإعلانات لتصفح الموقع بشكل أفضل وكذلك دعم الموقع في الإستمرار، بعد التعطيل قم بعمل إعادة تحميل (Refresh) للصفحة